كالعادة، لا تبدو الأشياء كما هي عليه

لا تبدو الأشياء كما هي عليه،

إتضح لنا، نحن البشر، أن الأزمة(ات) لا تمر وإنما نتكيف معها. فلم ينتهي الوباء ولم يقضي البشر عليه. ولكننا بصورة أو بأخرى تكيفنا مع وحوده. شبح حاضر دائماً.

لم نحتاج لإعادة تعريف الأشياء كما تبين لي، ولم نحتاج لخوض معارك جديدة. في الحقيقة، وضعت لنفسي معركة خاصة وخضتها. وقد أكون نجحت فيها. ولكن كما نعلم الحرب جولات.

تكيفت أكثر مع الحلوس وحيداً. طورت بعض مهارات البقاء والتعامل مع الإنعزال لمدة. إستطعت تقضية وقت أطول مع نفسي. أو بالأحرى وسط كتبي وزراعتي. لدرجة أن قضاء أي مدة طويلة في المنزل الآن أصبح له إرتباط شرطي بالحجر الصحي.

أستطيع أن أدعّي أنها، هذه الفترة، لم تكن بهذة السوء وأني أنجزت فيها الكثير. أقول هذا بقدر كبير من الأنانية التي أحاول أن أدعيها منكراً مأسآة فقد العديد من الأحباب كأحد ميكانزمات الدفاع.


*هذه التدوينة هي أحد سلسلة تدوينات عن تداعيات وأفكار متعلقة بـ”جائحة” فيروس كورونا المستجد.

محاولات زراعية

بدأت أتعلم أشياء جديدة بعضها في الموسيقى (الكتابة مثلاً) وبعضها في المطبخ (العصائر وتدميس الفول مثلاً) وبعضها في البلكونة. كلها أشياء بسيطة ولكنها مسلية، وتذكرني بإحساس التّعلم الذي كنت قد إفتقدته. من المهم العمل على أشياء بسيطة وقصيرة المدى يسهل رؤية الإنجاز فيها ومشاهدة النتائج سريعاً. هذا يساعد على الشعور بالإنجاز وبالتالي الصبر على المشاريع الطويلة مثل الأبحاث وغيره.

إهتممت بالبلكونة كثيراً وجاء ذلك بتشجيع من ندى. بدأت في منتصف إبريل (بعد مرور شهر من إلتزام المنزل) العودة للزراعة ولكن هذه المرة بدأت النشاط بإهتمام وقراءة وعناية. عادة كنت أشتري بعض الزرع وأضعه في التربة وأرويه وأنتظر السحر. في الحقيقة، الموضوع يحتاج لأكثر من ذلك. ولعل هذا من حسناته. قرأت العديد من المصادر وحاولت فهم كيف ينمو النبات وماذا يحتاج وكيف تحاكي الطبيعة لتحصل على ما تريد من شكل أو رائحة أو محصول.

المحصول هنا هو قصة أخرى. فبعد أن حصدت بعض الأوراق من كل نوع لمساعدته على النمو وجدت أن جانب الحصاد من هذا النشاط ممتع أيضاً. الحصول على نتيجة ملموسة ويمكن الإستفادة منها ولو إستفادة بسيطة جداً مثل كوب شاي بالنعناع أو طبق شهي بالروزماري أو بيتزا بها العديد من المكونات ومُضاف لها أوراق الريحان. جففت الأوراق وإحتفظت بها.

وأخيراً، قطعت بعض الأغصان لعمل الشتلات لأكثر من النبات والإنتاج والحصول على إحتياطي دائم لأتفادى فقد محصول من بلكونتي العزيزة إذا مات من إساءة رعايتي.

أنا مبتدئ جداً. لكن هذا شعور جيد نفتقده كثيراً. ففي فترة ما تشعر أنك في منتصف الطريق في كل شئ. في أبحاثك، وموسيقاك، وقرائتك وعملك. وهذا مرهق ومحبط أحياناً. هنا إكتشفت هذه اللعبة التي أعتقد أني سأعود لها كثيراً من وقت لآخر كلما تعبت من منتصف الطريق.


*هذه التدوينة هي أحد سلسلة تدوينات عن تداعيات وأفكار متعلقة بـ”جائحة” فيروس كورونا المستجد.

المواجهة

فريق راديو هيد – أغنية رجل الحرب* (برجاء مشاهدة الفيديو قبل القراءة)

ذكرت في تدوينة سابقة الخوف من المعركة القادمة بعد مرور هذة الفترة. كنت أعلم يقيناً أن هناك معارك سأضطر لأخوضها اليوم قبل غداً، وأن هذه الفترة لن تمر مرور الكرام. فلها هي أيضاً معاركها الخاصة التي لا تقبل التأجيل. ولكن، كنت أحاول أن أوجه مخاوفي بطريقة ماكرة إلى ما بعد الأزمة لعلها تنشغل عن ما نحن فيه. هنا يتضح أن خطتك وتحركات قد لا تعني شيئاً أحياناً أمام ما هو موجود وواقع وملموس. مع مرور شهر من هذه العزلة التى إختلفت نظرتي لها منذ فترة. فأصبحت أراها أكثر ضجيجاً. وجدتها مزدحمة ومزعجة لدرجة لم أكن أتصورها. دائماً ما أكتشف أشياءاً أجدها في غاية البداهة فيما بعد. ما علينا!


بعض المعارك تبدأ وتنتهي وترتبط بخط زمني مستقيم تستطيع أن تراه وتمسك به. والبعض الآخر هي معارك لا منتهية تعيش معك منذ المَولد وحتى الممات. من الممكن أن تصفها أنها معركة ترتبط بخط زمني غير مستقيم وغير منتهي وليس لها إتجاه واحد. ففي نفس اللحطة قد تكون في أول المعركة وفي نهايتها. وقد ترى الحل والمشكلة في نفس الوقت. نعم، بعض النظريات الفيزيائية قد تفيد في فهم الأشياء. ولكنها لن تستطيع دائماً تغييرها.


فجأة تجد نفسك أمام كل ما كنت تهرب منه في مشاغل حياتك السابقة. أو كما كنت تدعي أنها تشغلك. في تلك اللحظة فقط قد تُدرك العزلة. ليست عزلة عن الخارج وإنما العزلة عن ما كنت تشغل به نفسك عن تلك المعارك. يبدأ هنا الكابوس، ولا تدري متى تفيق!


بعض المواجهات لا تنم عن شجاعة، فهي لم تبدأ بهذا السبب. بعض المواجهات تبدأ لأنك لم يعد لديك ما تخسره. وذلك بعض ما رأيته في تلك العزلة الصاخبة.


*الترجمة هنا حرفية، فكلمة Man of War قد تعني السفينة المسلحة أيضاً والترجمتان تؤديان المعنى.
**هذه التدوينة هي أحد سلسلة تدوينات عن تداعيات وأفكار متعلقة بـ”جائحة” فيروس كورونا المستجد.

هُدنة

للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية يمكننا رؤية سلسلة جبال الهيملايا من على بعد 230 كم بعد إنخفاض معدلات التلوث (المصدر: أحد السكان المحليين)

أحاول في تلك التدوينة تسجيل بعض الجوانب التي قد تبدو إيجابية لما يحدث الآن كمحاولة للمقاومة، فالنظر للجانب المشرق -وإن كان صغيراً أو غير منطقياً أحياناً – في بعض الأوقات الحرجة -مثل التي نمر بها الآن – يصبح وسيلة/مهارة من مهارات البقاء التي يجب علينا تعلمها.


مع تقليل عدد ساعات العمل في معظم الدول التي إنتشر بها المرض والغلق التام في دول أخرى ظهرت بعض النتائج “الإيجابية” على كوكبنا المسكين وعلينا نحن البشر بالتبعية. بدأت القصة مع إنخفاض معدلات إنبعاث ثاني أكيد الكربون والذي كان نتيجة طبيعية (مؤقتة) لما يحدث الآن في كوكبنا. أيضاً في فينسيا ظهر بعض التغيرات الإيجابية على قنوات المياة، كما ظهر إنخفاض ملحوظ في إنبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين في بعض البلدان المصابة. كل هذة المؤشرات تُعطي هذا الكوكب هدنة مؤقتة من المعركة التي يخوضها مع سكانه.

دفعني الإكتائاب أمس إلى النزول من المنزل في وقت هدوء الشوارع للمشي/الجري لفترة كافية والإستماع لـبودكاست لطيف أرسلته لي صديقة عن مخاوفنا كبشر. تحركت أولاً في شارعنا لأصل لسور مطار ألماظة وهناك وجدت منظر مُبهج. وجدت عدد كبير من سكان المنطقة في زٍيهم الرياضي يمشون ويتعكزون ويجرون بجانب السور الشهير. إختلفت أعمارهم، فوجدت من يتعكز ومعه كرسيه ليستريح وإبنه ليسانده ووجدت الأطفال يجرون وراء آبائهم ليلحقوا بهم. إختلف أيضاً جنسهم ووجدت النساء والرجال يتريضون بلا خوف من أي تحرش أو غيره فالكل هناك لغرض ما ويحمي بعضهم البعض وبينهم رابطة ضمنية تجمعهم. دفعهم الذي دفعني. ليس الفراغ وحده، فهناك الكثير من الأنشطة التي يمكن ممارستها من المنزل. ولكني أزعم أن الرغبة في الحركة والخروج من المنزل (دون تعريض النفس و الغير للخطر) هي دافع آخر. أيضا، التوعية الزائدة في الآونة الأخيرة عن مدى أهمية الحفاظ على الصحة النفسية في تلك الآونة.

كانت لتلك الفقرة من اليوم أثر نفسي إيجابي قوي على. لا أعلم إن كان هذا لأنه نشاط جديد على ما سبق أن جربته ومارسته خلال الأسبوعين الماضيين، أم أنه فعلاً سيكون نشاط مهم أن أواظب عليه في الفترة القادمة.

المشي دائماً ما يجلب لي العديد من الأفكار والخواطر. وحقيقةً، لا أعلم إن كان هذا شئ إيجابي أم لا. بداية، بدأت أُفكر في هذا النشاط وأهميته لتلك الحالة من عدم مغادرة المنزل والحركة في أي مكان. طرأ لي -بصورة عفوية – صنفان من الناس تلك هي حياتهم اليومية طوال الوقت، أولهم كبار السن. أدركت للحظة -أو كتعبير أدق، لمست – لماذا يحرص كبار السن على التريض أكثر من الشباب. عند جلوسك في المنزل لفترات وعدم ممارسة أنشطة حركية -حتى لو كانت المشي من و إلى السيارة – يصبح التريض له أهمية كبيرة في حياتك اليومية. الحصول على الهواء النقي وتحريك بعض العضلات تصبح ضرورة مُلحة. أما عن الصنف الثاني، فهم المحبوسين في السجون. كثيراً ما كنت أقرأ عن منع أحد سلطان السجون للمحبوسين من التريض كأحد وسائل العقاب. وكثيراً ما قرأت مطالبات حقوقية لإتاحة نشاط التريض لبعض المساجين الذين مُنعوا عنه كأحد الحقوق التي لا يجب أن تُنتزع. الآن، أدركت/لمست أن هذا حقاً من الحقوق الأساسية التي تحافظ على إستقرارهم النفسي فضلاً عن الجسدي.

إهتمامي بالمدن أخذ حيزه من التفكير أيضاً، فقد لاحظت أني أمشي في مسارات السيارات. نزلت من بيتي وتحركت في المسار الذي أتخذه بالسيارة عند ذهابي للبنك أو السوبرماركت بصورة تلقائية. بعد بعض دقائق أدركت هذا وقررت أن أكسر هذا النمط وأن أسير في مسارات مختلفة وأن أحازي بعض الحدائق. تقاجئت حينها أني لا أعلم الكثير عن هذه المسارات.

مسار الجولة لهذا اليوم

إنتقلت للإقامة في هذا الحي منذ أكثر من ثلاثة أعوام. حينها كنت أملك سيارتي وأستخدمها في معظم تنقلي في المدينة. ولم يتح لي الوقت للمشي في هذه المنطقة كثيراً فكانت معظم تحراكاتي فيه هو أيضاً بواسطة السيارة. لم أتعرف على شوارعه أو أتواصل معاها بصورة جيدة. وهذا شئ طبيعي يصاحب وسائل التنقل السريعة. على النقيض من ذلك، عشت في طنطا أكثر من عشرين عاماً وكنت كثيراً ما أسير في شوارع المدينة للوصول لمعظم مناطق المدينة. وقد كان ذلك طبيعياً وغير مُرهقاً. فتعرفت عليها شارعاً شارعاً، حتى الممرات بين الشوارع الصغيرة التي تسمح بالكاد لشخص أو إثنين للمرور والتي لا يعرفها إلى أبناء المنطقة. التنقل في المدينة من أهم الأنشطة التي تتم ممارستها في الفراغات العامة، فهذا النشاط نقوم به إجبارياً وتحت أي ظروف. فقد تحتاج لمناخ مناسب ووقت فراغ لكي تقوم ببعض المشي لإستنشاق الهواء أو الجلوس في الحدائق، لكنك -بلا شك – تذهب لعملك يومياً بغض النظر عن المناخ أو الوقت أو الظرف المناسب. لم يكن جديداً أن أدرك مدى تأثير وسيلة التنقل على التواصل مع المدينة -شوارعها وميادينها بل وسكانها- بحكم دراستي، ولكني مرة أخرى لمست ذلك.

كوبري أكتوبر في زمن الكورونا. أو هكذا ندعي. (تصوير: عبد الرحمن سليم)

الهدنة، لم تقتصر على هذا فقط. أيضاً بعض الأنشطة التي ظهرت بمجرد تقليل ساعات العمل وغيره من الإجراءات. قبل أنا أبدأ بنشاط المشي، بدأت أن أقضي بعض الوقت في “البلكونة” لأستنشق بعض الهواء. وهنا، بدأت أحتك بالجيران التي ظللت لمدة ثلاث سنوات لا أعرفهم ولاأراهم. عرفتهم وعرفت أفراد أسرتهم وعرفوني هم أيضاً. بدأنا بأول درجات التواصل بهز الرأس والإبتسام.

أزعم أننا إذا إستطعنا أن ننفصل -ولو جزئياً- عن ما يجري حولنا و إستطعنا التخلص من ضغوطات الإنتاج والتحصيل والتي زادت مع توفر الوقت والمواد المتاحة، فقد نصل لبعض الهدوء النفسي. أحاول أنا أصل لهذه الحالة مؤخراً.

أحاول أن أصل بهذه الهدنة -التي إضطر العالم للدخول فيها- إلى المستوى الشخصي والنفسي. فبدون ذلك، سأفقد صوابي سريعاً.


*هذه التدوينة هي أحد سلسلة تدوينات عن تداعيات وأفكار متعلقة بـ”جائحة” فيروس كورونا المستجد.

إعادة التعريف

بورترية ذاتي لـ إدفارت مونك

بدأت أحد الأصدقاء مبادرة لكتابة رسائل للنفس أو للعالم عن ما بداخلنا ومشاركتها مع الآخرين عبر أحد وسائل التواصل. في الحقيقة، ظللت لعدة أيام مُعجب بالفكرة غير أني لا أعلم كيف أبدأ. بعد عدة أيام زادت مخاوفي وهواجسي حول موضوع الحجر الصحي وتداعيات جائحة (إلى الآن) فيروس كورونا المستجد وبدأت الحاجة في التعبير عنها تتزايد. تذكرت تلك المدونة التي كنت أنشر فيها بعض المتفرقات، ووجدت أن آخر ما تم نشره كان في عام ٢٠١٥. وياله من عام!

عودة لمخاوفي التي تتغير كل يوم حول هذا الموضوع:

في الحقيقة، لا تقلقني الأرقام كثيراً ولم أعد أهتم بها. فليس لدي أكثر من التباعد الإجتماعي والعادات الصحية وتوعية الآخرين لأفعله. فمتابعة الأرقام بعد ذلك هو مجرد عبء نفسي لا أتحمله. دائماً ما ألجأ إلى بعض الحيل لأتجاوز مخاوفي. أولاً، أتصور الأسوء بكل تفاصيله وكل تباعاته. أستعد له وأضع خطة للتعامل معه جيداً وأتأهب له نفسياً. أذكر نفسي ببعض ما كنت أتصوره “الأسوء” الذي مررت به وتجاوزته. أخبر نفسي أن “كل هذا حتماً سيمر”. العبارة التي لم أجد أصدق منها قط.

وثانياً، أبدء في التفكير بشكل علمي بحت وبمنظور عام وشامل ونظرة مستقبلية للأمور. أحاول أيضاً البعد عن الوضع الراهن والتعامل مع المستقبل. فمثلاً، لا أتابع الأرقام اليومية لمجرد معرفة الوضع ولكن للنظر إلى العالم كله على أنه يمر بتجربة ما وأن علي تحليل ما يجري ودراسة كيف ينتهي وماذا بعد نهايته. ومن هنا، أستطيع بطريقة ما بالخروج من حيزي العاطفي المتصل بمن أحب وخوفي على فقدهم إلى نطاق أكبر يتعامل مع الأرقام والمعدلات ويتجنب عاطفته. أليس هذا ما يجب أن يفعله البعض لكي يصل إلى حل ما وينقذ العالم! (ويكأني سأنقذه!). عادة ما تفلح تلك الطريقة (على الأقل معي) في تجاوز تلك المِحن. لكن الوضع هنا أعظم وأجّل. فلم يكن غريباً إختبار أنواع أخرى جديدة من المخاوف.

بالأحرى هو خوف من المعركة!

مع بداية حياتي العملية التي بدأت بعد إنهاء التعليم الجامعي قامت ثورة يناير ٢٠١١. كنت وقتها شاب سلفي من مدينة طنطا على وشك الزواج من فتاة عرفها في الجامعة وإنتقل ليستقر في القاهرة حيث فرص العمل. مع قيام الثورة وإنتقالي للقاهرة، بدأت في إعادة تعريف الأشياء وإدراك الكثير مما لم أكن أراه. كانت عملية مرهقة إستمرت لسنين. الكثير من المجهود والمقاومة مع النفس ومع الآخر. المعركة التي مازالت مستمرة إلى تلك اللحظة.

إعتقدت لبعض الوقت أن العِقد الثالث من العمر -كما يدّعي الكثيرون – هو الوقت الذي تبدأ الأفكارفيه بالنضوج! إعتقدت أني سأحصل على هُدنة قصيرة.

وجاءت الجائحة (كم هي معبرة كلمة “جائحة”) لتطيح بما كان. مع الكثير من القراءات عن ما هو قادم وما نحن فيه، نجد أننا (أو على الأقل أنا وحدي) على مشارف إعادة تعريف لكل ما كان وكل ماهو آت. كل تصورتنا عن المنظومات السياسية والمجتمعية والإقتصادية سيتغير حتماً. بل كل تصورتنا عن الإنسان وعن المجتمع وعن علم النفس والسلوك سيتغير حتماً. يالها من معركة أخرى!

هنا، لم تفلح خطتي في أن تعبُر بي من تلك المخاوف. ووجدت نفسي أواجه مخاوف أخرى. ليس لها علاقة بالموت أو حتى موت من أحب. وإنما هو خوف من عدم القدرة على إعادة تعريف الأشياء مرة أخرى. خوف من خسارة تلك المعركة التي ستحتاج طاقة قد تفوق قدرتنا وقتها.

آمل أن ينتهي (أو على الأقل يمر) كل هذا. وأن نستطيع التعافي سريعاً دون أن تنهكنا محاولات التعافي الإقتصادية ومحاولات البقاء. وأن يتبقى لنا بعض الطاقة لمحاولة فهم ما حولنا وإدراكه وتعريفه.


*هذه التدوينة هي أحد سلسلة تدوينات عن تداعيات وأفكار متعلقة بـ”جائحة” فيروس كورونا المستجد.
**تم إعادة نشر هذه التدوينة على موقع مدينة فيما بعد كجزء من سلسلة كوابيس العزلة.