المواجهة

فريق راديو هيد – أغنية رجل الحرب* (برجاء مشاهدة الفيديو قبل القراءة)

ذكرت في تدوينة سابقة الخوف من المعركة القادمة بعد مرور هذة الفترة. كنت أعلم يقيناً أن هناك معارك سأضطر لأخوضها اليوم قبل غداً، وأن هذه الفترة لن تمر مرور الكرام. فلها هي أيضاً معاركها الخاصة التي لا تقبل التأجيل. ولكن، كنت أحاول أن أوجه مخاوفي بطريقة ماكرة إلى ما بعد الأزمة لعلها تنشغل عن ما نحن فيه. هنا يتضح أن خطتك وتحركات قد لا تعني شيئاً أحياناً أمام ما هو موجود وواقع وملموس. مع مرور شهر من هذه العزلة التى إختلفت نظرتي لها منذ فترة. فأصبحت أراها أكثر ضجيجاً. وجدتها مزدحمة ومزعجة لدرجة لم أكن أتصورها. دائماً ما أكتشف أشياءاً أجدها في غاية البداهة فيما بعد. ما علينا!


بعض المعارك تبدأ وتنتهي وترتبط بخط زمني مستقيم تستطيع أن تراه وتمسك به. والبعض الآخر هي معارك لا منتهية تعيش معك منذ المَولد وحتى الممات. من الممكن أن تصفها أنها معركة ترتبط بخط زمني غير مستقيم وغير منتهي وليس لها إتجاه واحد. ففي نفس اللحطة قد تكون في أول المعركة وفي نهايتها. وقد ترى الحل والمشكلة في نفس الوقت. نعم، بعض النظريات الفيزيائية قد تفيد في فهم الأشياء. ولكنها لن تستطيع دائماً تغييرها.


فجأة تجد نفسك أمام كل ما كنت تهرب منه في مشاغل حياتك السابقة. أو كما كنت تدعي أنها تشغلك. في تلك اللحظة فقط قد تُدرك العزلة. ليست عزلة عن الخارج وإنما العزلة عن ما كنت تشغل به نفسك عن تلك المعارك. يبدأ هنا الكابوس، ولا تدري متى تفيق!


بعض المواجهات لا تنم عن شجاعة، فهي لم تبدأ بهذا السبب. بعض المواجهات تبدأ لأنك لم يعد لديك ما تخسره. وذلك بعض ما رأيته في تلك العزلة الصاخبة.


*الترجمة هنا حرفية، فكلمة Man of War قد تعني السفينة المسلحة أيضاً والترجمتان تؤديان المعنى.
**هذه التدوينة هي أحد سلسلة تدوينات عن تداعيات وأفكار متعلقة بـ”جائحة” فيروس كورونا المستجد.

نص كتبه توم يورك عن Street Spirit

أثناء الحديث مع أحد الأصدقاء عن Radiohead شاركت معي تدوينة كتبتها عن الأغنية منذ فترة.
لا أعرف كيف أصف ما قرأته به. ولم أستطيع أن لا أشاركها هنا.


يقال ان توم يورك كتب هذا النص العظيم عن “ street spirit”:

هي انقى أغانينا، و لكنني لم اكتبها. هي كتبت نفسها. كنا فقط رسل لتوصيلها، كالمحفز البيولوجي. جوهرها غامض جدا بالنسبة لي، لم اكن يوما لاحاول ان اكتب شئ  بائسا لهذه الدرجة. بشكل ما، في كل اغانينا الحزينة على الاقل وميض من الخلاص. روح الشارع لا يصاحبها أي خلاص. هي النفق المظلم بلا شعاع نور في النهاية. تمثل كل المشاعر التراجيدية المؤلمة التي لا يوجد لها تعريف إلا هذا اللحن.
كل واحد منا لديه طريقته في التعامل مع هذه الاغنية، وتسمى الانفصال عنها. خصوصا انا، افصل رادار مشاعري تماما عنها، و إلا لن استطيع ادائها، سأتحطم، سأنهار تماما على المسرح. و لهذا كلمات الاغنية هي عبارة عن قصص صغيرة، او صور بصرية عكس التفسير المتلاحم لمعناها. استخدمت مجموعة صور للموسيقى التي اعتقد انها ستنقل الصورة المجملة للمشاعر التي تحملها الكلمات و الموسيقى معا. و هذا هو معنى الجملة في الاغنية التي تقول “ كل هذه الأشياء التي ستبتلعها كلها يوما ما”. كنت اعني الصورة المجملة للمشاعر، لأنني لا امتلكها حتى اعرف صياغتها. سأنهار!جمهورنا اشجع مني لأنه يملك القدرة لجعل الاغنية تخترقه، او ربما هم لا يدركون ما يسمعونه. لا يدركون أن اغنية “روح الشارع” هي التحديق مباشرة في أعين الشيطان، و معرفة انه مهما فعلت،  فأن الضحكة الاخيرة له. و هذا حقيقي تماما و صادق. الشيطان سيضحك الضحكة الأخيرة في كل الأحوال من دون استثناء، و اذا سمحت لنفسي بالتفكير في هذا طويلا، سأنهار!
لا اصدق ان لدينا جمهور قادر على التعامل عاطفيا مع هذه الأغنية. لهذا انا واثق انهم لا يدركون عن اي شئ تتحدث. لهذا السبب نحن دائما نؤديها في الفقرة الاخيرة من حفلاتنا. هي تستهلكني، تجعلني ارتجف، و يؤلمني بشدة في كل مرة اقوم بغنائها ان ارى الآلاف مبتهجين، ضاحكين، غير واعيين بمعناها التراجيدي، كما لو كنت تقتل كلبك و هو لا يكف عن هز ذيله. هكذا يبدون، وهو ما يحطم قلبي.
كنت اتمنى لو ان هذه الاغنية لم تختارنا لنكون محفزها البيولوجي، و انا لم ادعي هذا. هي تطلب الكثير. انا لم اكتب هذه الأغنية.


*أنصح بزيارة المدونة الأصلية